{إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ ما يَغْشى (16) ما زاغَ الْبَصَرُ وَما طَغى (17) لَقَدْ رَأى مِنْ آياتِ رَبِّهِ الْكُبْرى (18)}{إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ ما يَغْشى} [16] السدرة من نور محمد صلّى اللّه عليه وسلّم في عبادته، كأمثال فراش من ذهب، ويجريها الحق إليه من بدائع أسراره، كل ذلك ليزيده ثباتا لما يرد عليه من الموارد.{ما زاغَ الْبَصَرُ وَما طَغى} [17] قال: ما مال إلى شواهد نفسه ولا إلى مشاهدتها، وإنما كان مشاهدا بكليته ربه تعالى، شاهدا ما يظهر عليه من الصفات التي أوجبت الثبات في ذلك المحل.{لَقَدْ رَأى مِنْ آياتِ رَبِّهِ الْكُبْرى} [18] يعني ما يبدي من صفاته من آياته رآها، ولم يذهب بذلك عن مشهوده، ولم يفارق مجاورة معبوده، وما زاده إلا محبة وشوقا وقوة، أعطاه اللّه قوة احتمال التجلي والأنوار العظيمة، وكان ذلك تفضيلا له على غيره من الأنبياء.ألا ترى أن موسى صعق عند التجلي، ففي الضعف جابه النبي صلّى اللّه عليه وسلّم في مشاهدته كفاحا ببصر قلبه، فثبت لقوة حاله وعلو مقامه ودرجته.